أحمد عبد الكاظم العسكري//
عندما تحاول أن تنظر المشهد الفني و الخاص بالإبداع
و التصميم المعماري في العراق فأن نظرك يتوجه نحو ( كهرمانة ,نصب الحرية ,
بدر شاكر السياب , نص الشهيد , قوسا النصر , شهرزاد و شهريار , الرصافي , محمد غني
حكمت ) و نُصُب كثيرة في مختلف محافظات العراق ترمز إلى الجمال و الإبداع و
التاريخ و الثقافة و الفن و الأدب و العمارة و كل ما يمثله تاريخ العراق من إبداع
متجدد .
و خلال بحثك عن هذه
النصب تحاول التعرف على الشخصيات الفنية التي شكلت أناملها مثل هكذا تجسيد و وصف و
تقنية جميلة تجذب الأنظار لتصطدم بسناء و تاريخ عملاق من الانجازات الفنية الرائعة
لهذه الشخصيات التي أغنة الفن العراقي و العربي و العالمي معاً منهم (جواد سليم, فائق حسن, خالد الرحال, عطا صبري, محمد غني حكمت, سعاد
العطار, بهيجة الحكيم) و آخرون كثيرون جداً لا يسعنى ذكرهم .
ثم تستمر في هذه الرؤية المفخرة و التي تعتبرها مفخرة تاريخية و سجل للإبداع
العراقي الذي يبرز جمالية اليد العراقية و ذكاء الفنان العراقية و رؤيته الفنية
المميزة إضافة إلى الرؤية الحقيقية لمن هو مسؤول عن اختيار التصميم المميز و الذي
يتناسب مع المعلومة و الفكرة و الحقبة التاريخية سواء كانت للمنطقة أو حتى لحادث
معين .
ثم تنتقل إلى تحديثات هذا الفن التجسيدي الرائع للتاريخ
العراق حتى تصل إلى هذه الحقبة القرن الحادي و العشرين لتُصدم بواقع مرير و مؤلم
جداً .
وهو أن تجد أن بعض المحافظات العراقية قد توجهت
توجه آخر بعيداً عن الفن و عن أصوله
و معالمه .
فتشاهد النُصُبَ التي تم
تشييدها فتتأكد أنها لا تمت للفن بصلة و لا لأي حدث تأريخي أو سياسي أو اجتماعي .
ما هو المعنى منه و المغزى
الحقيقي لوجوده و صرف الملايين من اجل وضعة في وسط المدن .
تشاهد و بصورة مؤلمة نصب
يدل على الحرية و عندما تتمعن فيه تجده لا يحتوي على أي معنى من معاني الحرية فهو
نصب يشبه ثمرة الباذنجان , نصب آخر في جامعة كربلاء الصرح العلمي الكبير الذي يخرج
أجيال لبناء المستقبل العراقي تجد فيه نصب
على شكل دجاجة لا يعرف المعنى الحقيقي له , أو نصب على شكل آيس كريم و في أعلاه
شخص نصف جسمه ظاهر , أو نصب للشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري في محافظة بغداد و
الذي تحيط بهِ "دِلاَلَ" القهوة و الفناجين و التي لا يعرف الربط بينهما
ما هو )
فتقف مذهولاً أمام هذا
التراجع الغريب و تستذكر الحالة التي مر فيها العراق بشكل خاص و الوطن العربي بشكل
عام من القرن الحادي عشر و لغاية القرن الرابع عشر الميلادي و التي حملة في طياتها
الكثير من النكبات الفنية و التي سميت "
بالفترة المظلمة ", فتتساءل في نفسك هل نحن بصدد نكبة تاريخية و فنية أخرى و
نسميها الفترة المظلمة الثانية ؟ هل نحن أمام جفاف لمنابع الثقافة ؟ هل نحن في
مرحلة كلها تراجع للأفكار و الإبداع ؟ أم ماذا ؟
تساؤلات لا تجد لها إجابة
لشكل حقيقي لكن المؤكد في هذه المرحلة إننا أمام مرحلة سيسجلها التاريخ بما سجله
لنا هذه التماثيل و النصب التذكارية المخزية للعراق .
0 التعليقات :
إرسال تعليق